إدلب وحلب: بوابة للتسويات الكبرى أم مرحلة جديدة من الصراع؟
في تطور ميداني مفاجئ، تمكنت فصائل المعارضة السورية المسلحة، بقيادة هيئة تحرير الشام، من السيطرة على مناطق شاسعة في محافظتي إدلب وحلب. هذا التقدم السريع تزامن مع انسحابات كبيرة للقوات السورية وحلفائها، مما أعاد رسم خريطة الصراع في الشمال السوري وأثار تساؤلات حول ما إذا كان هذا الزلزال العسكري مقدمة لتسويات كبرى أم وقودًا لصراعات جديدة.
آراء الخبراء حول العوامل وراء التقدم
في برنامج “رادار”، استضاف الباحث في مركز تحليل السياسات، محمود علوش، والعميد تركي الحسن، الخبير العسكري والاستراتيجي، بالإضافة إلى ريتشارد غودستين، الخبير الاستراتيجي والمستشار السابق لهيلاري كلينتون، لتحليل التطورات الأخيرة.
محمود علوش أشار إلى أن الهجوم يمثل “زلزالًا كبيرًا” في المشهد السوري، موضحًا أن انسحاب القوات الحكومية والمليشيات الإيرانية من حلب جاء نتيجة تراكمات طويلة الأمد، منها تراجع النفوذ الإيراني بسبب الضربات الإسرائيلية المتكررة وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا. ورغم نفي تركيا الرسمي لأي دور مباشر في الهجوم، اعتبر علوش أنه من غير المنطقي أن يتم دون علمها وروسيا.
التداعيات العسكرية
العميد تركي الحسن وصف الوضع بأنه “صدمة كبيرة” للشارع السوري، مشيرًا إلى أن ما جرى يعيد المشهد إلى بدايات الحرب الأهلية. ورغم تأكيده أن انسحاب الجيش السوري كان تكتيكيًا لتجنب المزيد من الخسائر، اعترف بوجود قصور في إدارة المعركة، مما أدى إلى انهيار سريع للجبهات وضعف التنسيق العسكري.
البعد الدولي
من واشنطن، أوضح ريتشارد غودستين أن الإدارة الأميركية فوجئت بالتطورات الأخيرة، نافياً أي تورط أميركي في دعم الفصائل المسلحة. واعتبر أن الاضطرابات الجديدة في سوريا ليست في مصلحة الولايات المتحدة، التي تسعى للحفاظ على استقرار الوضع الراهن. كما أشار إلى أن توقيت الهجوم يثير تساؤلات بشأن نوايا تركيا وإسرائيل في استباق التغييرات المحتملة في السياسة الأميركية تجاه سوريا.
السيناريوهات المستقبلية
مع استمرار تقدم الفصائل المسلحة، يبدو المشهد مفتوحًا على عدة سيناريوهات. أكد علوش أن السيطرة على حلب تعزز موقع تركيا التفاوضي، لكنها أيضًا تضعها أمام مسؤوليات كبيرة. بينما حذر الحسن من أن استمرار الانهيار قد يؤدي إلى تفجير صراعات جديدة تمتد آثارها إلى دول الجوار.
الخلاصة
مع تصاعد حدة المواجهات في إدلب وحلب، يبقى السؤال الأهم: هل تكون هذه التطورات بداية لتحولات استراتيجية تعيد تشكيل المشهد السوري، أم مجرد حلقة جديدة في سلسلة صراعات مستمرة؟ الإجابة تتوقف على قدرة الأطراف الدولية والإقليمية على استيعاب الدروس السابقة والعمل نحو تحقيق توازن جديد في المنطقة.